responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 113
وَقَوْلُهُ: عُمْياً أَيْ لَا يُبْصِرُونَ، وَبُكْماً يَعْنِي لَا يَنْطِقُونَ، وَصُمًّا لَا يَسْمَعُونَ، وَهَذَا يَكُونُ فِي حَالٍ دُونَ حَالٍ جَزَاءً لَهُمْ كَمَا كَانُوا فِي الدُّنْيَا بُكْمًا وَعُمْيًا وَصُمًّا عَنِ الْحَقِّ، فَجُوزُوا فِي مَحْشَرِهِمْ بِذَلِكَ أَحْوَجَ مَا يَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ مَأْواهُمْ أَيْ مُنْقَلِبُهُمْ وَمَصِيرُهُمْ جَهَنَّمُ كُلَّما خَبَتْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَكَنَتْ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ طَفِئَتْ، زِدْناهُمْ سَعِيراً أَيْ لَهَبًا وَوَهَجًا وَجَمْرًا، كَمَا قَالَ: فَذُوقُوا فَلَنْ نَزِيدَكُمْ إِلَّا عَذاباً [النبأ: 30] .

[سورة الإسراء (17) : الآيات 98 الى 99]
ذلِكَ جَزاؤُهُمْ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِآياتِنا وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً (98) أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلاً لَا رَيْبَ فِيهِ فَأَبَى الظَّالِمُونَ إِلاَّ كُفُوراً (99)
يَقُولُ تَعَالَى: هَذَا الَّذِي جَازَيْنَاهُمْ بِهِ مِنَ الْبَعْثِ عَلَى الْعَمَى وَالْبُكْمِ وَالصَّمَمِ جَزَاؤُهُمُ الَّذِي يَسْتَحِقُّونَهُ، لِأَنَّهُمْ كذبوا بِآياتِنا أي بأدلتنا وحجتنا، واستبعدوا وقوع البعث وَقالُوا أَإِذا كُنَّا عِظاماً وَرُفاتاً أي بالية نخرة أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقاً جَدِيداً أَيْ بَعْدَ مَا صِرْنَا إِلَيْهِ مِنَ الْبِلَى وَالْهَلَاكِ وَالتَّفَرُّقِ وَالذَّهَابِ فِي الْأَرْضِ نُعَادُ مَرَّةً ثَانِيَةً؟ فَاحْتَجَّ تَعَالَى عَلَيْهِمْ وَنَبَّهَهُمْ عَلَى قُدْرَتِهِ عَلَى ذَلِكَ بِأَنَّهُ خَلَقَ السموات وَالْأَرْضَ، فَقُدْرَتُهُ عَلَى إِعَادَتِهِمْ أَسْهَلُ مِنْ ذَلِكَ، كَمَا قَالَ:
لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ [غَافِرٍ: 57] وَقَالَ: أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ وَلَمْ يَعْيَ بِخَلْقِهِنَّ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى [الأحقاف: 33] الآية، وَقَالَ أَوَلَيْسَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ بِقادِرٍ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ بَلى وَهُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيمُ إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ [يس: 81- 82] إلى آخر السورة.
وَقَالَ هَاهُنَا أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ قادِرٌ عَلى أَنْ يَخْلُقَ مِثْلَهُمْ أَيْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُعِيدُ أَبْدَانَهُمْ وَيُنَشِّئُهُمْ نشأة أخرى كَمَا بَدَأَهُمْ. وَقَوْلُهُ: وَجَعَلَ لَهُمْ أَجَلًا لَا رَيْبَ فِيهِ أَيْ جَعَلَ لِإِعَادَتِهِمْ وَإِقَامَتِهِمْ مِنْ قُبُورِهِمْ أَجَلًا مَضْرُوبًا وَمُدَّةً مُقَدَّرَةً لَا بُدَّ مِنَ انْقِضَائِهَا، كَمَا قَالَ تَعَالَى: وَما نُؤَخِّرُهُ إِلَّا لِأَجَلٍ مَعْدُودٍ [هُودٍ: 104] . وَقَوْلُهُ: فَأَبَى الظَّالِمُونَ أَيْ بَعْدَ قِيَامِ الْحُجَّةِ عَلَيْهِمْ إِلَّا كُفُوراً إلا تماديا في باطلهم وضلالهم.

[سورة الإسراء (17) : آية 100]
قُلْ لَوْ أَنْتُمْ تَمْلِكُونَ خَزائِنَ رَحْمَةِ رَبِّي إِذاً لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفاقِ وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً (100)
يَقُولُ تَعَالَى لِرَسُولِهِ صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ: قُلْ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ لَوْ أَنَّكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ تَمْلِكُونَ التَّصَرُّفَ فِي خَزَائِنِ اللَّهِ لَأَمْسَكْتُمْ خَشْيَةَ الْإِنْفَاقِ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: أَيِ الفقر [1] ، خَشْيَةَ أَنْ تُذْهِبُوهَا مَعَ أَنَّهَا لَا تَفْرَغُ وَلَا تَنْفَدُ أَبَدًا، لِأَنَّ هَذَا مِنْ طِبَاعِكُمْ وَسَجَايَاكُمْ، وَلِهَذَا قَالَ: وَكانَ الْإِنْسانُ قَتُوراً قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَقَتَادَةُ: أَيْ بَخِيلًا مَنُوعًا، وَقَالَ الله تعالى:

[1] انظر تفسير الطبري 8/ 154.
نام کتاب : تفسير ابن كثير - ط العلمية نویسنده : ابن كثير    جلد : 5  صفحه : 113
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست